(وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِين) سورة النحل آية 80.
فالإنسان، الذي يعيش حياة الترحال طلباً للماء والكلأ له ولمواشيه، لا يستطيع أن يقيم لنفسه مسكناً دائماً من مواد بناء صلبة، لأنه لا يستطيع أن يعيش فيه أو أن يحمله معه في ترحاله.
الشروط التي يجب أن تتوفر في البيت الصحراوي هي:
1. بيت يمكن أن ُيطوى ( ُيرزم ) وُينقل من مكان إلى آّخر بسهولة، قابل للصمود أمام قلقلة/ هزّات الطريق، ويمكن حمله على الجمل. أي أنه ملائم لحياة الترحال.
2. بيت يلائم ظروف المناخ في الصحراء في الشتاء وفي الصيف، في الليل وفي النهار.
3. بيت يمكن بناؤه من مواد متوفرة في الصحراء وفي متناول يد البدوي.
4. بيت يمكن بناؤه وصيانته بسهولة دونما صعوبات وتكاليف جمة، وتستطيع بنات العائلة القيام بذلك.
5. بيت يلبي احتياجات العائلة النووية التي تعيش فيه، ومناسب لاستقبال الضيوف.
كان العرب في الصحراء يجزّون صوف الأغنام في فصل الربيع حيث تقوم النساء بغزل ونسج الصوف لصنع ِشقاق الخيمة والسجاجيد. من الجدير ذكره، أن انتاج المواد التي يصنع منها البيت، إنشاء البيت، تفكيك البيت وصيانته هي جميعاً من شغل ومسؤولية النساء (الحريم).
يسمي البدو بيت الشعر.. (البيت)
ُبنى بيت الشعر بخط أفقي من الشمال الى الجنوب، حيث يكون وجه البيت الى الشرق وظهره الى الغرب.
أشِّروا لأي الأسباب يتعلق هذا الترتيب؟
ـــــــــــــــ ــــــــــــــــ
هنالك نوعان من الخيام:
· خيمة لفصل الصيف (بيت الصيف)– مصنوع من أكياس الخيش أو الصوف.
· خيمة لفصل الشتاء (بيت المشتى) – مصنوع من شعر المعزى الذي يحوي مواد دهنية طبيعية تمنع تسرّب الماء إلى داخل الخيمة. كما أن النسيج مرن مما يمنع الماء من إتلاف أو تمزيق الشقاق.
تقسم الخيمة إلى جناحين أساسيين:
أ. مقعد الرجال (الشِّق أو الديوان او المقعد) -يُستعمل للرجال وللضيوف (الرجال). أهم مقعد في القبيلة هو مقعد شيخ القبيلة حيث يتوجه الضيوف الذين يقصدون القبيلة، وفيه تقام اللقاءات والاجتماعات التي تضم جميع رجال القبيلة.
ب. جناح النساء (المحرم) -سمِّي بهذا الاسم لأنه محرّم (ممنوع) على الرجال، وخاصة الغرباء، الدخول لهذا الجناح من الخيمة. تقام فيه جميع الفعاليات المتعلقة بحياة العائلة باستثناء استقبال الضيوف. فيه يتم الطبخ، الخبز، الطحن، الغسل، التجبين (عمل الجبنة من الحليب)، العناية بالأولاد، النوم وما شابه ذلك.
الخيمة في الصحراء (رسم: رباب عيد سواعد)
تفصل شقّة خاصة منسوجة بكثافة شديدة بين جناحي الخيمة، وهي مزيّنة بأشكال زخرفية من النسيج. في بلادنا تسمى قطعة القماش التي تفصل بين مقعد الرجال والمحرم باسم المعند، أما القبائل البدوية خارج بلادنا فتسميها القاطع أو الساحة.
العلامات المميزة بين جناح الرجال (الشِّق) والمحرم:
أ. الشق واجهته مفتوحة عادةً والمحرم واجهته مغلقة غالبا بواسطة الستار.
ب. في بلادنا جناح الرجال في القسم الشمالي من الخيمة، بينما قسم النساء في القسم الجنوبي.
ت. جناح الرجال – الشقة التي تغطي جانبه (الرفّة) تتدلى بشكل عمودي تقريبا، وهي قصيرة، أما جناح النساء فالشقة التي تغطي جانبه (الرفراف أو الرفرافة) تكون عادة أطول تمتد بانحدار تدريجي.
ث. بجانب جناح الرجال تظهر علامتان مميزتان غير موجودتين عند المحرم؛ فبجانب وتد الطنب توجد كومتان واحدة لحثل (ثفل) القهوة والثانية لرماد النار (السكن).
مجموعة الخيام
لا يستطيع البدوي الرّحال أن يقيم لنفسه مسكنا دائما. في هذا الفصل سنتعلم عن المضارب (مجموعة من الخيام).
بسبب حياة الترحال، وظروف الحياة الصعبة في الصحراء التي فُرضت على العرب في شبه الجزيرة العربية، اضطر البدو للتنازل عن السكن الثابت والعيش في بيوت متنقلة (الخيام).
هنالك قوانين معينة يعتمدها البدو عندما يختارون موقع بيت الشعر في المواسم المختلفة ويتم ذلك من خلال انتقاله لمناطق ذات طبوغرافية ملائمة:
في فصل الشتاء يُنصب بيت الشعر في المنحدرات الشرقية وليس بعيدا عن شفا وادٍ قريب. وذلك لحماية البيت من الرياح الشديدة التي قد تسقط البيت أحيانا. كما أن البدو اختاروا نصب خيامهم مرتفعة عن مجرى الوادي كي لا يتم جرف الخيمة ومحتوياتها في مياه الفيضانات التي تضرب تلك المناطق في فصل الشتاء.
في فصل الصيف تُبنى الخيام بشكل متناثر في مناطق مستوية ومرتفعة، نجم ذلك عن الحاجة إلى عدم التزاحم والتراص وكذلك من أجل الاستمتاع بالرياح اللطيفة.
عن علاقة البدو بحياة الصحراء بشكل عام والخيمة بشكل خاص، اقرأوا عن قصةميسون الكلبية (شاعرة من قبيلة بني كلب)، التي تزوجت من معاوية بن أبي سفيان، الذي نقلها من الصحراء إلى دمشق، وسكنت في أحد قصور الخليفة. لكنها كانت كثيرة الشوق والحنين لحياتها السابقة ولمسقط رأسها في الصحراء.
وفي أحد الأيام سمعها معاوية وهي تُنشد قصيدة تعبر فيها عن شوقها لحياة البادية، إليكم بعض أبيات هذه القصيدة:
وِلبس عباءةً وتقر عيني أحبُ إلي من ِلبس الشفوفِ
وبيت تخفق الأرياح فيه أحبُ إلي من قصر منيفِ
وأكلُ ُكسيرة من ِكسر بيتي أحبُ إلي من أكل الرغيف
عندما سمع معاوية هذه القصيدة، طلّقها ومكّنها من العودة والانضمام إلى أهلها وأبناء قبيلتها.
المضرب = مجموعة من الخيام
ينصاع البدوي الذي يقيم خيمته في المضارب الجماعية لأوامر شيخ القبيلة الذي يقرر أين يقيم كل واحد خيمته، كما ويصمم شكل وطريقة انتشار الخيام (المضرب) وذلك وفق اعتبارات اقتصادية واجتماعية
المضرب الذي كان شائعا في بلادنا هو مضرب " الدوار" أي الدائري، وهو يضم عشرات الخيام تسكنها عائلات نووية تتبع لقبيلة واحدة، وفي مركز المضرب توجد خيمة شيخ القبيلة.
...... شبكة ort